كلمة صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز رئيس برنامج الخليج العربي للتنمية ( أجفند) في احتفالية تسليم جائزة أجفند الدولية وإعلان موضوعات العام 2011
كوالالمبور 01 ديسمبر 2010
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
يسعدنا أن نكون هنا، في ماليزيا، هذا البلد الناهض، الذي يمثل نموذج نجاح ، يدرس ويبحث ويستقصي في الجامعات والمعاهد والمراكز العلمية حول العالم، وتحتذيه الدول والشعوب. هذا البلد الذي أوجد بجدارة ( بصمة ماليزيا ) في التنمية، والديمقراطية، والتسامح.
والشكر لدولة رئيس الوزراء محمد نجيب تون عبد الرزاق، ولحكومته، على استضافة هذا الحفل التنموي السنوي لجائزة أجفند.. حيث نكرم اليوم الفائزين بالجائزة في عامها العاشر 2009، وبالأمس أعلنت لجنة الجائزة المشروعات الفائزة هذا العام، بناء على تقديرات المحكمين.
السيدات والسادة:
إن التنمية والاستقرار صنوان .. كلاهما يعزز الآخر ، وتأتي الديمقراطية لتكون صمام الأمان، ولتنشر العدالة، وتوفر ضمانات الحكم الراشد.. والمجتمعات النامية أشد حوجة إلى هذه العناصر والعوامل ، لمواجهة ثالوث التخلف ( الفقر والجهل والمرض) إضافة إلى الصراعات فما أن يحل أحد هذه الأدواء في أمة إلا ويصطحب معه رفاقه!!. ولكن الإنسان الذي كرَّمه الله ليس هو ذلك الذي يمكن اختزال حاجاته في توفير المآكل والمشرب والملبس له.
ولما كان التاريخ قد اثبت أن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، وتحقيق التنمية يتطلب مواجهة الفساد، يصبح تحرير السلطة من الدكتاتورية ـــ التي تجعلها مطلقة ـــــ شرطا من شروط التنمية المتكاملة. وكل ذلك لا يتأتى إلا في ظل تنمية سياسية تهدف إلى نشر ثقافة الديمقراطية وتدعيم ممارستها في مجتمعاتنا .
وكذلك فالتنمية التي ترتبط بانتشار ثقافة العمل والإنتاج، ومحاربة التواكل، والاعتماد على الغير، تقترن اقتراناً حتمياً بترسيخ ثقافة الحوار، وقبول الآخر، واحترام التعدد والتنوع.
السيدات والسادة:
إن ماليزيا ــ بشهادة العالم، وبشواهد الحراك الاقتصادي والسياسي والاجتماعي فيها، تقدم نموذجا مميزاً في التفوق والنجاح، راعت المتلازمات التي أشرنا إليها فأنتجت معادلة تنموية استوعبت مستجدات العصر وتعاملت معها بوعي، وهذا النموذج يرفد المجتمعات النامية بالمثال في إجادة التنمية وتجويدها . و تقديرنا أن أبرز عنوان للتجربة الماليزية هو التعليم العصري، الذي يلبي الاحتياجات ويتجاوب مع سوق العمل، وكذلك إفساح المجال للمرأة لتسهم بأدوارها في تقدم مجتمعها.
وماليزيا استطاعت أن تفعل ذلك كله بالاستفادة من التنوع الثلاثي في مجتمعها ( الثقافي والديني والعرقي)، ليشارك الجميع في بناء الوطن وإعلاء شأنه بين الأمم الأخرى. وتجربة ماليزيا ، التي جعلت من التنوع مصدر قوة وعزة، ملهمة لمجتمعات عربية وإسلامية انتج تنوعها صراعاً مريراً، بدلاً من أن يحقق انسجاماً منيعاً. فنرجو أن تحافظ ماليزيا على انطلاقتها المؤسسة على الإبداع.. ولا نشك في ذلك لأن في هذا البلد من الطاقات والعقول ما يفخر به العالم النامي.
السيدات والسادة:
لذلك كله كان اهتمامي بالتنمية الشاملة التي تحظى بمساحة كبيرة في عملي العام ، ولهذا اخترت هذا المجال لأركز فيه كامل طاقتي من خلال مؤسسات متعددة أبرزها في هذا المجال برنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند).
إننا في ( أجفند) نعمل منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي على غرس ذات الأفكار التنموية والمبادئ والقيم والمعايير التي هيأت لماليزيا نهضتها.. وذلك من خلال دعم المشروعات التي تستهدف الطفل ، والطفولة المبكرة على وجه الخصوص، وتصعيد دور المرأة ، و تبني مكافحة العوز من خلال تأسيس بنوك الفقراء، وتنمية المجتمع المدني، ونشر تعليم يتصف بالريادة والجودة. وكل ذلك بدون تمييز بين المجتمعات التي تتلقى دعم البرنامج.
وتم إقرار جائزة ( أجفند) في العام 1999 بعد ثبوت الجدوى التنموية ، ودورها في مساندة الركائز التي تقوم عليها استراتيجية برنامج الخليج العربي للتنمية، إلى جانب ما تحققه الجائزة من تعميم التجارب الرائدة في المجتمعات النامية.
وقد تمكنت الجائزة خلال عمرها الذي يدخل عقده الثاني، أن تلفت الانتباه ، وتسلط الضوء على قضايا تنموية شديدة الأهمية، تشكل أساس الاستراتيجية العالمية للتنمية المعروفة بـ ( أهداف الألفية) .. وقد كان موضوع العام الماضي ( تطوير الريف النائي من خلال نشر استخدام تقنية المعلومات)، وذلك بما يحقق عدالة التنمية وديمقراطيتها ..
وقد توافقت لجنة الجائزة، التي تضم شخصيات عالمية مرموقة، على أن يعالج موضوع الجائزة للعام القادم 2011 قضية أخرى مهمة ، وهي : (تمكين الشباب من خلال المبادرات وتوسيع الفرص الوظيفية).
و( أجفند) يرحب بترشيح المشروعات المنفذة التي تحقق هذا الهدف.
ختاماً الشكر لكم جميعاً، كما نجدد الشكر لهذه الدولة الصديقة.. متمنين لكل المجتمعات النامية أن تستفيد من تجربتكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.