الاجتماع الدوري لمجموعة التنسيق

الاجتماع الدوري لمجموعة التنسيق - Prince Talal Bin Abdulaziz article

كلمة صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز رئيس برنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند) في  الاجتماع الدوري الثالث والسبعين لمجموعة التنسيق

 الرياض ـ فندق الفيصلية  7 – 9 يناير 2014

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخوة مسؤولي العمليات بمؤسسات مجموعة  " العون العربي" ..

السادة الضيوف المشاركون من المؤسسات الدولية : البنك الدولي، الوكالة الألمانية للتنمية الدولية، مؤسسة بيل ومنليدا غيتس

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

نود في هذا الصباح المشرق بوجودكم أن نرحب بكم ، ونتمنى لكم إقامة طيبة..  ولهذا الملتقى السداد والنجاح وتحقيق المقاصد النبيلة التي نعمل لها جميعاً.. فأهلاً بكم في الرياض.

 

الأخوة  والأخوات،

لا شك أن تشكيل " مجموعة التنسيق" لمؤسسات العون العربي منذ  أواخر سبعينيات القرن الماضي كان خطوة مهمة  باتجاه تعزيز وتوحيد جهود الدعم التنموي التي تقوم به هذه المؤسسات ، وإبراز أدوارها التنموية في العالم.. كونها تمثل نوعاً من انواع التضامن العالمي تجاه الدول النامية، او ما  يعرف بـ " التعاون فيما بين دول الجنوب". واليوم  تتقدم  هذه الشراكة التنموية خطوات كبيرة من خلال تنسيق المواقف في المحافل الدولية، وتوحيد الرؤى في التعاطي مع القضايا التنموية ... وذلك ما يجعل قيمة أكبر للعون العربي، ويعمق تأثيره التنموي، في ظل الإشكالات العديدة والتحديات  التي تهز مجتمعات  وتؤثر في استقرارها، خاصة في منطقتنا العربية.

إن أجندة هذا الاجتماع، والموضوعات المطروحة خلال الأيام الثلاثة  لاجتماعاتكم  تعكس بوضوح الرغبة في العمل في ظل الشراكة،  واقتسام الهموم التنموية، وترسيخ التفاهم وتبادل الخبرات والتجارب الناجحة بين أعضاء المجموعة.. ولله الحمد  فإن  التراكم المعرفي في مجال التنمية بين مؤسساتنا  يؤكد الدور الكبير للمجموعة في دعم التنمية على مستوى العالم.

 

الأخوة  والأخوات ،

في هذا الإطار  التنسيقي بين مؤسساتنا نود في مستهل  هذا اللقاء أن نطلعكم على تطورات مبادرة ( أجفند)  لمكافحة الفقر من خلال التمويل الأصغر.. والمجموعة على دراية بانطلاقة هذه المبادرة ، التي عرضناها عليكم ونحن  في البدايات ، نتلمس أولى خطواتنا، ذلك  قبل عشر سنوات مضت.. واليوم  ــ  بعون الله وتوفيقه ــ نتوجه  إليكم  وبين أيدينا حصاد وفير من النجاح،

يسرنا أن نضع بين أيديكم حقائق وإحصاءات تعكس التقدم المُطّرد لجهود أجفند في مجال مكافحة الفقر  من خلال التمويل الأصغر، التي بدأت  بتأسيس  أول بنوكه للفقراء عام 2006 في الأردن بشراكة مع رجال الأعمال المؤمنين بجدوى الأعمال الاجتماعية، ثم  توالت الخطى  في اليمن ، والبحرين ، وسوريا ، وسيراليون ، ولبنان، والسودان، وفلسطين..  أي  إنشاء بنك  للفقراء كل عام . وقد تواكب  ذلك مع نجاح ملحوظ لمساعينا في نشر ثقافة الإقراض الأصغر عبر استصدار  التشريعات التي تشجع التمويل الأصغر وتنظمه ..  والعمل جار لاستكمال تأسيس ثلاثة  بنوك  جديدة خلال عام  2014، في كل من  الفلبين ، وتونس ، وموريتانيا.

 

الأخوة  والأخوات ،

من الشواهد المرصودة عن تقدم بنوك أجفند  في طريق الأهداف الاستراتيجية أن مشاريع صغيرة جداً نمت بجهد  شباب من الجنسين ، وبقروض بنك الفقراء تحققت قصص نجاح عديدة تجسدت في أرامل تحدين الظروف وأقبلن على الحياة ونجحن، وشباب غيروا مسار حياتهم، وأوجدوا فرص عمل لأنفسهم و لغيرهم.. وقد بلغ اجمالي المستفيدين من بنوك أجفند أكثر من مليون وأربعمائة ألف فقير ،  معظمهم  نساء.. وبنوك أجفند  نفسها  تستقطب حالياً  التقدير العالمي وتقدم نماذج النجاح في مجال مكافحة الفقر.  وهذه البنوك  لا تقدم فقط القروض الصغيرة، بل تجاوزت ذلك بكثير، فهناك آلاف الأطفال أصبح لديهم ادخار بينما  لم يكن أهاليهم  ليحلموا بأن يجدوا سبيلاً إلى البنوك، وقد تم دمج الكثير من الفقراء في العملية المالية، وابتكرت بنوك أجفند التأمين الطبي للفقراء بمبالغ زهيدة جداً.

ومبادرة بنوك الفقراء تحديداً لا تهدف فقط إلى إنشاء بنوك للإقراض الأصغر، بل التأسيس لصناعة التمويل الأصغر وفق الأصول والمعايير التي تحرص على أفضل التطبيقات.. بمعنى الدمج الحقيقي  للفقراء في العملية المالية.

 

الأخوة  والأخوات ،

إن التوجه التنموي الذي نتبناه في تأسيس بنوك الفقراء يعتمد بصورة أساسية على التحالفات الاستراتيجية، مع الجهات التي تشاطرنا الهدف التنموي.. فبنوك أجفند ـ منذ بداية المبادرة  ـ قدمت أكثر من  ( 224)   مليون دولار  قروضاً، في حين أن استثمارات أجفند فيها لا يتجاوز ( 13)  مليون دولار. وهذه  مناسبة طيبة لنزجي الشكر لشركائنا، من رجال الأعمال ، والمنظمات ، ونخص بالشكر البنك الإسلامي للتنمية  لإسهامه في رأسمال بنك الإبداع للتمويل  الأصغر في السودان، والشكر للصندوق العربي للإنماء الاجتماعي والاقتصادي، الذي قام بدعم  توسع أجفند في التمويل الأصغر من خلال بنوكنا ، بصفته مدير الحساب الخاص المنشأ لتمويل المشاريع الصغيرة و المتوسطة. وبتقدير كبير نذكر ما قدمه الصندوق السعودي للتنمية من دعم بإسهامه في تعزيز القاعدة الرأسمالية لبنك الأمل للإقراض الصغير في اليمن ليتمكن من خدمة شريحة أكبر من الفقراء .  ونشكر لـ " أوفيد" جهودها مع أجفند في إبراز المجالات التي  تحتاج  سد الفجوة التمويلية لتمكين الفقراء، من خلال ورشة العمل التي عقدت في يونيو 2012 و تبنت" إعلان فيينا".

 

الأخوة  والأخوات ،

من الأمثلة على الشراكات المثمرة التي نتوخاها،  التحالف  التنموي الجديد الذي أسسه أجفند مؤخرا لتنفيذ مشروع طموح عظيم المردود التنموي، وهو تدريب 100 ألف شاب وشابة في مجال الريادة والتمكين ومكافحة الفقر، أي تعزيز ثقافة العمل الحر من خلال التدريب المتوافق مع متطلبات سوق  العمل واحتياجاته الأساسية.. ومن المتوقع أن يفضي هذا التحالف الدولي ـ الإقليمي ـ المحلي  ( بين أجفند، والمنظمة الدولية للشباب، والجامعة العربية المفتوحة، وبنوك أجفند، إلى آفاق جديدة من التعاون والشراكة ..  ونحن نتطلع إلى  أن  يتسع هذا التحالف بانضمام شركاء آخرين.

ولذلك فإننا ندعو مؤسسات "مجموعة  التنسيق"،  التي تسمح لوائحها ، للإسهام في هذا العمل التنموي، والشراكة مع أجفند  في مبادرة بنوك الفقراء، والمشاريع التي تعزز هذه المبادرة.. فكما تعلمون إن القراءة التنموية لواقع  المنطقة العربية تؤكد أن تخفيف التداعيات المحزنة للتغيرات الجارية  يستحث المانحين  لتبني توجه يجعل  مكافحة الفقر  بالتمويل الأصغر محوراً رئيساً في نشاطاتها، وذلك من خلال  تبني  مضمون " إعلان فيينا " بحفز الدول التي تتلقى المعونات لإفساح المجال أمام التمويل الأصغر، ولو بربط  المعونات والمنح  بضرورة  إعداد استراتيجيات لمكافحة الفقر، وسن التشريعات والنظم  التي تشجع تمكين الفقراء ودمجهم في النظام المالي، وبالتالي تلبيةاحتياجاتهم الأساسية.

 

كما ندعو" أصدقاء المجموعة " لدعم هذا التوجه في المنطقة، ونحن على استعداد للتعاون معكم خارج المنطقة، وفق معايير" المجموعة"  وأولوياتها.

 

ختاماً، نسأل الله العون والتوفيق لمساعينا جميعاً،

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،