لقاء مع
صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبدالعزيز
رئيس ( أجفند ) ، رئيس شرف الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع
لمجلة الجمعية
§ عرف عن سموكم الاهتمام الشخصي بالعمل الأهلي في أنحاء الوطن العربي وترأس سموكم مؤتمرات عن الجمعيات غير الحكومية في العديد من البلدان العربية. كيف ترون سموكم تطوير هذا العمل ، في البلدان العربية عامة وفي المملكة خاصة ؟
العمل الأهلي ، هو ما أصبح يعرف بدور قوى أو منظمات المجتمع المدني ، وعالمياً باتت هذه القوى في تصاعد مستمر ، وقد برز دورها في التنمية وفي مساعدة الحكومات . كيف تساعد الحكومات ؟ الجواب بأن تحمل عنها أعباء تثقل كاهلها . فهذه القوى إذا تم تنظيمها والاعتراف بها وتوفير مساحات عمل لها هي قوى فاعلة ، لأنها تنشأ من القواعد المجتمعية ولذلك فهي تدرك وتفهم احتياجات المجتمع . وتطوير منظمات المجتمع المدني في بلداننا يكون بوضع الثقة فيها واتاحة الفرصة لها بأن تسهم في التنمية . فكما نرى كل مجال أو قطاع أصبح لها ممثلون أهليون ، وإذا تضافرت الجهود جميعهاً فبالتأكيد سينتفع المجتمع.
§ تواجه الجمعيات غير الحكومية في العالم العربي مشكلات عديدة أهمها التمويل المادي الذي يدعم أنشطة هذه الجمعيات. فكيف ترون سموكم التغلب على هذا الجانب في ظل الظروف العالمية المعقدة التي نرى أنها أثرت على عمل مثل هذه الجمعيات بصورة مباشرة أو غير مباشرة؟
صحيح ، التمويل مشكلة . ولهذه المشكلة أكثر من وجه ، الأول يعكس عدم الثقة ، أي أن بعض الحكومات يشكك في هذه المنظمات وترى كل دعم يأتيها من الخارج هو لتمويل مؤامرة ، وقد رأينا الإشكالات الواسعة التي أثارتها إحدى الجمعيات في دولة عربية لدرجة اتهام رئيسها ومحاكمته بسبب ما تلقاه من تمويل . وفي تقديرنا أن عدم الثقة يمكن معالجته بأن تخضع جميع المنظمات الأهلية للقانون وأن يتسم عملها بالشفافية ، أي يكون معروفاً من أين تتلقى التمويل وأين تصرف الأموال التي تأتي إليها ، وبلاش الأحكام المسبقة ، والتوجس والخوف الشديد من المبادرات ، هل إما أن تأتني المبادرات من الحكومة في صورة توجيهات وأوامر، أو كل خطوة تخطوها منظمة من منظمات المجتمع المدني تكون موصومة بالمؤامرة؟ كفانا هذا التوجه الذي لايخدم مصالحنا ولا يعالج مشكلاتنا المزمنة .
§ برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الإنمائية ( أجفند ) الذي ترأسونه سموكم يعد من الصروح الضخمة التي تدعم جهود التنمية في العديد من بلدان العالم النامي ومنها الكثير في المنطقة العربية، فهل لنا أن نتعرف على أهم إنجازات هذا الصرح ، ومردود الايجابي على جهود التنمية في المنطقة؟
كما هو معروف( أجفند) مؤسسة تنموية إقليمية أنشأناها عام 1980م بدعم وتأييد من خادم الحرمين الشريفين وقادة دول الخليج العربية . ويركز البرنامج دعمه في تعزيز الجهود المعنية بتنمية قطاعات التعليم والصحة والتدريب والبناء المؤسسي والمشروعات التنموية ذات الطبيعة الخاصة.
وحتى الآن أسهم أجفند في دعم وتمويل أكثر من 900 مشروع في 131 دولة نامية في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية والوسطى، في شكل منح لا ترد وبدون تمييز ، من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة الإنمائية والجمعيات الأهلية و الجهات الحكومية المعنية بتنمية المرأة والطفل إضافة إلى عدد من المنظمات الدولية والإقليمية.
وأسهم من أجفند في إنشاء عدد من المؤسسات المتخصصة بهدف تعزيز التنمية البشرية: على المستوى العربي، المجلس العربي للطفولة والتنمية ومقره القاهرة، ومركز المرأة العربية للتدريب والبحوث ومقره تونس، والشبكة العربية للمنظمات الأهلية ومقرها القاهرة ، وهي تضم أكثر من 1000 جمعية أهلية ، والجامعة العربية المفتوحة ومقرها الكويت ولديها فروع في ست دول عربية، وبنوك الفقراء التي تنفذ في عدد من الدول العربية في طلليعتها اليمن والأردن ولبنان والسودان. أما على المستوى الإقليمي والدولي فقد أسهم أجفند في تأسيس المركز الدولي لأبحاث أمراض الإسهال في بنجلاديش، والمركز الإقليمي لصحة البيئة في عمان ـ الأردن ، والمعهد الإفريقي لتأهيل المعاقين في زامبيا وزيمبابوي.
ولتشجيع المبادرات التتنموية أسسنا في العام 1999 م جائزة برنامج الخليج العربي العالمية للمشروعات التنموية الرائدة ، وهي مكافأة مالية قدرها (300000) ثلاثمائة ألف دولار أمريكي إضافة إلى قيمتها المعنوية ، يمنحها برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الإنمائية ( أجفند ) سنوياً للمشروعات التنموية الرائدة ، وفي العام الماضي أقمنا حفل تسليم الجائزة في العاصمة الهندية نيو دلهي . والترشيح للجائزة في عامها الخامس 2004 م مستمر، وموضوعاتها : الفرع الأول : ( تعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل ) ، ترشح له مشروعات المنظمات الأممية والدولية والإقليمية . الفرع الثاني : (حماية البيئة من خلال الأنشطة المجتمعية ) ، ترشح له مشروعات الجمعيات الأهلية . الفرع الثالث : تزويد الطفل وسائل حديثة للوصول إلى المعرفة وفهم المستقبل ) ، ترشح له المشروعات مشروعات الأفراد.
§ نعود للعمل الأهلي الذي يمثل حجر الزاوية في كثير من جهود التنمية في بلدان العالم المتقدم ونود الإطلاع على رؤية رائد وراعي العمل الأهلي بالوطن العربي لمستقبل هذا العمل في المنطقة . هل ترون سموكم مسيرة واعدة متفائلة أو على العكس ، وأسباب ذلك؟
مستقبل العمل الأهلي في بلداننا العربية يعتمد على مدى تفهمنا للمشاركة الأهلية ـ المشاركة بمعناها الواسع : سياسياً واقتصادياً وإسهاماً في حلحلة المشكلات الاجتماعية . إذا توصلنا إلى فهم صحيح للمشاركة سيكون بمقدورنا توظيف الإسهام الإهلي . وهذا من الأولويات التي يجب أن تؤخذ في الحسبان عند الإصلاح ، فاإصلاح الذي لا يضع قواعد واضحة للإسهام الأهلي هو بالتأكيد منقوص . أنا بطبعي لست متشائماً ، فدائماً أقول إن القادم أفضل ، بشرط أن نعد له العدة ونسد الثغرات وعلى هذا الأساس فإنني أرى مستقبل العمل الأهلي ومنظمات المجتمع مستقبلاً واعداً ، وهذا ليس تفاؤلاً مجرداً بل هو ما ألمسه على الأرض ، فتأسيس الشبكة كان خطوة متقدمة . فالشبكة جمعت منظمات كانت مشتتة وجهودها ـ رغم أهميتها ـ كانت ضائعة أو غير منظورة . والشبكة أيضاً وضعت أسس وقواعد العمل العلمي والديمقراطي ، وهيأت التندريب للكوادر . هذا على المستوى القومي . وعلى مستوى كل دولة عربية هنالك حراك في النشاط الأهلي ، وجمعيات تنشأ وتقدم مطالبها للحكام . أليس في ذلك ما يدعو للتفاؤل ؟ وسيبك ممن يقولون إن مطالب المجتمع المدني هي إيعازات خارجية ضمن الضغوط التي تمارسها القوى الكبرى للتغيير في المنطقة .
§ حظيت الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع بدعم ورعاية سموكم الكريم منذ نشأتها من حوالي عشر سنوات وكان لتوجيهات سموكم للقائمين على هذه الجمعية الأثر الكبير في مسيرتها الطبية، والجمعية تعد إحدى المنظمات غير الحكومية وتمثل أحد روافد العمل غير الحكومي الذي يحظى بدعم من سموكم، ونحن الآن نتشرف بمقابلة سموكم بمناسبة قرب بزوغ نجم جديد في إصدارات الجمعية نطمع وكل عضو من أعضاء الجمعية التي تعنى بالأسرة والمجتمع في التعرف على مرئيات سموكم حول مسيرة العمل بهذه الجمعية ( رؤاكم الإيجابية والسلبية ورؤاكم حول طبيعة المشاكل أو الصعاب التي تواجه الانطلاقة المطلوبة المطلوبة في خدمة الأسرة والمجتمع ).
جمعية طب الأسرة والمجتمع من الجمعيات النشطة وإسهاماتها بارزة وواضحة ، وهذا ما شجعني للانضمام للاعضاء الشرفيين .
§ ما أهم التوجيهات التي تودون سموكم تزويد القائمين على الجمعية ممثلة في رئيسها ومجلس إدارتها وأعضائها.
هي ليست توجيهات بقدر ما هي أمنيات وتطلعات ، فالقائمون على الجمعية عناصر جيدة وديناميكية ، ولذلك فالخطط دائماً جيدة وواقعية . ما أرجوه هو أن تمضي الجمعية في تطوير اللقاءات العلمية السنوية التي تننظمها ، وأن تعمل على نشر مضامين أوراق العمل والبحوث التي تقدم في تلك اللقاءات ، ليس فقط بين المتخصصين ، فالأهم أن يطلع عليها الناس ـ العامة ـ الذينتتوجه إليهم الجمعية . فلو تم تبسيط ما يطرح في اللقاءات وتقديمها للناس عبر مجلة الجمعية سيكون خدمة جليلة ، واعتقد هذا غير غائب عن المسؤولين .
§ هل ترون سموكم تطورأً في مسيرة الجمعية منذ النشأة الأولى وحماسة الإنطلاقه منذ عشر سنوات مقارنة بما حققته ؟
بالتأكيد هنالك تطور ، وتطور كبير .
§ كيف ترون مستقبل دعم سموكم للعمل بهذه الجمعية ؟
نحن دائماً مع جمعية طب الأسرة ، ومع غيرها من منظمات المجتمع المدني التي لديها أهداف واضحة ، نشجعها وندعمها مادياً ومعنوياً . وأرى أن تتاح الفرصة للمرأة لتسهم في نشاطات الجمعية .
§ عملت الجمعية مؤخراً بناءً على توجيهات سموكم على تطوير مواردها المالية ذاتياً وذلك من خلال عدة وسائل ومنها توقيع اتفاقية مع وكالة أقران للإعلام المتخصص لتطوير مجلة طب الأسرة والمجتمع وتسويق شعار الجمعية ، هل تدعمون هذا التوجه وهل يمكن أن يكفي الدعم الذاتي لعمل الجمعية ؟
التمويل الذاتي عملية مهمة للجمعيات الأهلية ، وهو خطوة تعكس سعة أفق مسؤوليها ، والتغلب على شح التبرعات . معروف أن ما يقدم للجمعيات من أهل الخير قليل ، وأنا دائماً أقول عمل الخير ليس محصوراً في بناء المساجد ، أعمال البر مجالها واسع ، وإعانة الجمعيات الأهلية على تحقيق أهدافها هو من أعمال الخير التي ينبغي الترويج له في المجتمع.
§ ونحن في معية سموكم نود التعرف على رؤيتكم للنظام الصحي القائم بالمملكة ونتطرق من خلال حديث سموكم نحو رؤيتكم حول تطبيق نظام التأمين الصحي التعاوني ؟
لا شك أن تعميم الرعاية الصحية الأولية ، بالتركيز على مفهوم صحة الاسرة والمجتمع، ورفع كفاءة العاملين فيها بالتدريب وصقل الخبرات وتطوير المهارات، وتوسيع مظلتها لتغطي الشرائح الضعيفة في المجتمع ، هو أقصر الطرق وأكثرها موثوقية للوصول إلى التنمية الصحية المرجوة.
ولكن للأسف ، لا يزال كثير من الدول النامية لا تعطي الرعاية الصحية الأولية حقها في خطط التنمية وبرامج القطاعات الصحية . ومن السلبيات الواضحة لهذا التجاهل أو الإغفال أن المردود النوعي لا يتناسب والمبالغ الضخمة التي ترصد في ميزانيات وزارات الصحة ، وتبقى شريحة الفقراء مهمشة لأن كلفة الحصول على الخدمات الصحية تكون باهظة ومرهقة. وبذلك يفقد قطاع عريض في المجتمع أهم الحقوق التي كفلتها الشرائع والأنظمة .
وفي مثل هذا الوضع يتم تغييب جانب آخر مهم وهو برامج الوقاية . ولا شك أن الصحة الوقائية جزء أساسي في الرعاية الصحية الأولية، ولذلك فإن توجهنا في المشروعات التي نمولها من خلال ( أجفند ) هو التركيز على البعد الوقائي في الرعاية الصحية .
وأما التأمين فهو من مظاهر خصخصة قطاع الصحة ، ولقد قلت أننا نحتاج إلى ضبط هذه السوق من الانفلات ومن طغيان المفهوم التجاري الصرف ويؤكد ذلك كثير من المابعين لأمر التأمين الطبي. فنحن نحتاج إلى التوقف عند الرؤى النقدية التي يطرحها المختصون بهدف تطوير نظم التأمين ولوائحه حتى لا تكون البلاد حقل تجارب لشركات التأمين التي لا تمتلك مقومات التنافس الذي يحقق الجودة وييسر الحصول على الخدمة.
§ ما الدور الذي يمكن للجمعية أن تضطلع به في خدمة المجتمع السعودي بفئاته المختلفة وما توقعات سموكم لهذه الجمعية في الفترة القادمة ؟
يكفي الجمعية أنها لفتت الانتباه إلى مجال ظل مهملاً ، والتركيز على هذا المجال ونشر مفاهيمه بين الناس هو من أهم ما يمكن أن تسهدفه الجمعية .
§ تشرف الدورة الحالية لمجلس الإدارة على نهايتها في 30/6/1425هـ وتجتمع الجمعية العمومية للجمعية لانتخاب مجلس إدارة جديد فهل نستشرف في هذه الفرصة بعض التوجيهات من سموكم للعمل بهذا المجلس ؟
المطلوب أن يتصدى للعمل عناصر قادرة لديها وعي متكامل بمفهوم العمل الطوعي والمجالات التي تخدمها الجمعية ، وتحافظ على السمعة الجيدة التي تحققت للجمعية.
§ هناك عائق عام نرى أنه يواجهه جميع الجمعيات العلمية تحديداً وهو نقص الدعم المادي الذي يضمن مسيرة الجمعيات وقد يكون من أسبابه ذلك عدم وعي المجتمع بأهمية هذه الجمعيات، في رأي سموكم كيف يمكن رفع الوعي لدى المجتمع لأهمية هذه الجمعيات ؟
مثلما ذكرت المنطقة العربية كلها تعاني شح التبرعات ، فهناك قصور في فهم ماهية التبرع وعمل الخير ، وللأسف الظروف الدولية المحيطة قد أثرت سلبياً ، وسوف نحتاج إلى وقت قد يطول حتى تنجلي هذه الظروف . وتصحيح المفاهيم الخاطئة حول التبرع وتوجيه أعمال البر يحتاج تثقيفاً مجتمعياً يبدأ بالبيت والمدرسة والمسجد ووسائل الإعلام.
§ من أوجه الدعم الذي تنعم به الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع توجيهات سموكم بإقامة برامج مشتركة تطبق حالياً بالتعاون بين الجمعية وأجفند ، وتنفذ حالياً مشروعات كبيرة، فما رؤية سموكم لهذا التعاون ورؤيتكم المستقبلية له وما أهم المشروعات المنفذة حالياُ من وجه نظر سموكم ؟
التعاون مستمر بين أجفند والجمعية وهناك 12 مشروعاً تم تنفيذه في إطار هذا التعاون بتمويل من أجفند ، احدث المشروعات هو (برنامج دمج المطلقات في المجتمع).
فشريحة المطلقات تضم العنصرين الضعيفين في المجتمع ( المرأة والطفل ) . وهذه الشريحة تواجه مشكلات مركبة و شديدة التعقيد: الفقر والقهر والظلم الاجتماعي. بروز ظاهرة الطلاق بصورة واضحة وحادة تنذر بمخاطر عديدة إذا تركت دون معالجة لتداعياتها، إن لم يكن مسبباتها، لأن هذه الظاهرة كثيراً ما تهُدم الأسر وتُشتت الأطفال، وتُحمل المطلقات أعباء جسيمة في ظل تفتت الخلية الأساسية للمجتمع.
لقد تكشفت لنا جوانب عديدة لمأساوية تصاعد ظاهرة الطلاق ، وما تجسمه الإحصاءات من حقائق تبعث على الخوف من أن تكون هذه الظاهرة دخلت مرحلة أصبحت فيها مستعصية على السيطرة، وعدد ضحاياها من نساء وأطفال يتزايد بمعدلات تنبئ بكارثة اجتماعية. إن التنامي المزعج لظاهرة الطلاق يفرض بإلحاح وقفةجادة للتصدي لها وذلك يتطلب تضافر جهود جهات عديدة في مقدمتها الجامعات ومراكز الدراسات و البحوث لتقصي جذور الظاهرة وتشخيصها ووضع الحلول المناسبة له.
وأنا أدعو ( الجهات الحكومية المعنية ، والقطاع الخاص ، ومنظمات المجتمع المدني ) ، وهي في سبيلها لمعالجة قضايا المرأة ـ لتبني أسلوب يجعل شريحة المطلقات تشعر أن مجتمعها لم يتخل عنها، وتعمل على حل المشكلة الاقتصادية والاجتماعية للمطلقات حلاً عملياً. ونأمل أن يكون المشروع الذي أطلقه أجفند وجمعية طب الأسرة والمجتمع هو البداية ، ويشجع جهات أخرى .
§ صدرت مؤخراً القواعد المنظمة للجمعيات العلمية في الجامعات السعودية، في رأي سموكم هل ترون أن هذه القواعد شاملة وما رؤيتكم حول تنفيذ هذه القواعد وارتباط الجامعات ودورها في عمل هذه الجمعيات، ولنأخذ مثلاً الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع وجامعة الملك فيصل التي أنشئت تحت مظلتها.
القواعد المنظمة لأي قطاع هو ضرورة حتى يتم العمل بوضوح وبصورة مرتبة ، واذا كان هنالك قصور في النظام فإنه يتضح من خلال التطبيق والتجربة ، وحينها يطالب المعنيون بأن يتم تعديل النظام أو تطويره . وأما عن ارتباط الجمعيات بالجامعات أو بمعنى آخر احتضان الجامعات ومراكز البحوث المنظمات الأهلية المتخصصة فذلك أمر محمود ومحبذ ، فالجامعات بحكم أهدافها تعمل على تنمية المجتمع وفتح القنوات التي توصل الخدمة للمواطن ، وهذه الجمعيات من أهم الفنوات الخدمية ، وهي تحقق الدور المستمر للجامعات .
§ تتشرف هيئة التحرير – وهي تقوم بإصدار مجلة الجمعية في ثوبها الجديد أن تضع نصب عينيها توجيهات سموكم كي تحقق طموحها بتقديم كل ما يهم الأسرة والمجتمع من حقائق علمية وثقافية فما توجيهات سموكم بهذا الخصوص ؟
بالتأكيد هيئة التحرير التي تضم شخصيات علمية مميزة حريصة على أن تعكس المجلة في صورتها الجديدة مسيرة الجمعية واسهاماتها ، وربط الناس بالجمعية وإيصال رسالة الجمعية إلى قواعد المجتمع وشرائحه المختلفة ، وترسيخ " ثقافة طب الاسرة والمجتمع " .
§ هناك الكثير من الحقائق العلمية التي تحتاج للوضوح في الرؤية والصراحة في الطرح لما لها من أهمية قصوى للمجتمع بأسره ونخص بالذكر الثقافة المتعلقة بالمشاكل النفسية والزوجية والتي تفتقر لها معظم المطبوعات الحالية فهل تؤيدون تناول هذا الموضوع الحيوي من خلال الاستشاريين والمختصين المهتمين بآثاره النفسية والصحية وحتى الإنتاجية على الأسرة والمجتمع ؟
لم لا ؟ في تقديرنا هذه المجالات مما ينبغي العناية به لأنه لكثرة ما احطناها بالسرية والكتمان تفاقمت وتفرعت عنها مشكلات عديدة يعانيها المجتمع . وإذا تولاها المختصون وتصدوا لها ستكون الحلول علمية .
§ صدر قبل أيام قرار مجلس الوزراء الموقر بتطبيق الفحص الطبي قبل الزواج ، ومن أجل توعية المجتمع بهذا الموضوع الهام نرجو سموكم تسليط الضوء على أهمية هذا الأمر لدرء أخطار أمراض الدم الوراثية عن مجتمعنا .
للأسف الشديد أمراض الدم الوراثية تنتشر بصورة مقلقة في بعض مناطق المملكة. والأطباء المختصون يؤكدون أن المملكة تتصدر دول العالم في انتشار هذه الأمراض التي لا علاج لها غير الفحص الطبي قبل الزواج ، فهو الوسيلة الوحيدة الناجعة لوقف انتشارها.
لقد تبنينا في أجفند مشروع مكافحة هذه الأمراض ، وهو المشروع الذي أسهمت فيه جمعية طب الاسرة والمجتمع ، وجهات أخرى واشخاص معنيون بهذه الآفة ومضاعافاتها. والحمد لله الأمور سارت في الاتجاه المطلوب بعد تجاوب المقام السامي وتوجيهه الكريم بضرورة وقف هذه المعاناة فصدر قرار مجلس الوزراء بإلزامية الفحص قبل الزواج . وألاحظ مما يرد في وسائل الإعلام أن التطبيق يتم بصورة جيدة ، ومراكز الفحص متوفرة، والمواطنون أصبحوا على قناعة بجدوى الفحص . فالحمد لله الأرقام المزعجة التي كنا نسمع عنها ستختفي تدريجياً ، فكل يوم كان يمر دون اعتماد هذا الاسلوب الوقائي الناجع المجرب في عدد من الدول التي استطاعت السيطرة على الظاهرة والقضاء عليها تماماً كان يعني تفاقم الأوضاع بولادة 12 طفلاً مصاباً يومياً ومئات من حاملي مسببات المرض . أنظر كيف يكون العائد على الإنسان وعلى تنمية البلد . ولا ننسى أن هذا العمل قد بدا أهلياً وقادته منظمات غير حكومية .
§ في نهاية هذا اللقاء الذي شرفنا فيه بمعية سموكم نود كلمة للقائمين على الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع في المملكة وعبرها للقائمين على الجمعيات المعنية بالأسرة والمجتمع العربيين.
أقول للمعنيين بطب الأسرة والمجتمع في كل مكان عليكم بالمرأة والطفل ، فهما ركيزة كل مجتمع ، وهذه الشريحة تشكل نحو 75 % من سكان العالم العربي . فتعهد المرأة والطفل بالرعاية هو أفضل استثمار للأمة التي تنشد مستقبلاً أفضل .
وأشير في هذا الصدد إلى أننا في أجفند نقوم بتنفيذ مشروع مهم هو المشروع العربي لصحة الاسرة ، ينفذ في 16 دولة ، وقد انتهى الجزء الأول منه بتنفيذ دراسة صحة الأسرة الخليجية. و يرمي المشروع إلى توفير بيانات تفصيلية عن الحالة الصحية لأفراد الأسرة العربية، دراسة نمط الوفيات ومستوياتها في فئات العمر المختلفة ، تعريف العوامل البيولوجية والبيئية والديمغرافية ( السكانية ) والاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر في صحة الأسرة من أطفال وشباب وأمهات وكبار السن ، وضع نظام معلومات متكاملة عن صحة الأسرة الخليجية ، المساهمة في تحقيق هدف الصحة للجميع عن طريق التشخيص العلمي للمشكلات الصحية في المجتمعات العربية واقتراح الحلول ووضع الخطط والبرامج ، وضع حصيلة الدراسة ونتائجه أمام وزارات الصحة والشؤون الاجتماعية ومراكز البحوث الطبية والاجتماعية والمنظمات المعنية بالشؤون الصحية والطبية والاجتماعية وأحوال الطفولة والأمومة والشباب والمسنين والمعوقين وذلك لاستخدامها وتوظيفها في تخطيط برامج الرعاية الصحية الأولية وتنفيذها ومتابعتها.
وبالتأكيد فإن الجمعيات المهتمة بشأن الأسرة يمكنها أن تستفيد من هذا المشروع.